الدور السعودي ومبادرات السلام

تأتي استضافة المملكة اجتماع جدة الأخير بشأن الأزمة الأوكرانية استمرارا للمبادرات الإنسانية والجهود التي يبذلها في هذا الإطار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والاتصالات التي أجراها مع القيادتين الروسية والأوكرانية منذ الأيام الأولى للأزمة، وإبدائه استعداد المملكة القيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم، دعما لجميع الجهود والمبادرات الرامية لتخفيف آثار الأزمة وتداعياتها الإنسانية. وعلى هذا الصعيد تتطلع حكومة السعودية إلى أن يسهم هذا الاجتماع في تعزيز الحوار والتعاون من خلال تبادل الآراء والتنسيق والتباحث على المستوى الدولي حول السبل الكفيلة لحل الأزمة الأوكرانية بالطرق الدبلوماسية والسياسية، وبما يعزز السلم والأمن الدوليين، ويجنب العالم مزيدا من التداعيات الإنسانية والأمنية والاقتصادية جراء الأزمة. وإزاء هذا الموقف أسرعت المملكة في أعقاب اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، قبل أكثر من عام ونصف العام، إلى احتواء هذه الحرب والعمل على إيقافها، والبدء فورا بمحادثات سياسية تفكك تعقيدات الأزمة التي لم تنفجر في الواقع حين اندلعت الحرب، وإنما ظهرت على

A person who loves writing, loves novels, and loves life.Seeking objective truth, hoping for world peace, and wishing for a world without wars.
الدور السعودي ومبادرات السلام

تأتي استضافة المملكة اجتماع جدة الأخير بشأن الأزمة الأوكرانية استمرارا للمبادرات الإنسانية والجهود التي يبذلها في هذا الإطار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والاتصالات التي أجراها مع القيادتين الروسية والأوكرانية منذ الأيام الأولى للأزمة، وإبدائه استعداد المملكة القيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم، دعما لجميع الجهود والمبادرات الرامية لتخفيف آثار الأزمة وتداعياتها الإنسانية.
وعلى هذا الصعيد تتطلع حكومة السعودية إلى أن يسهم هذا الاجتماع في تعزيز الحوار والتعاون من خلال تبادل الآراء والتنسيق والتباحث على المستوى الدولي حول السبل الكفيلة لحل الأزمة الأوكرانية بالطرق الدبلوماسية والسياسية، وبما يعزز السلم والأمن الدوليين، ويجنب العالم مزيدا من التداعيات الإنسانية والأمنية والاقتصادية جراء الأزمة. وإزاء هذا الموقف أسرعت المملكة في أعقاب اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، قبل أكثر من عام ونصف العام، إلى احتواء هذه الحرب والعمل على إيقافها، والبدء فورا بمحادثات سياسية تفكك تعقيدات الأزمة التي لم تنفجر في الواقع حين اندلعت الحرب، وإنما ظهرت على الساحة قبل ذلك بأعوام. 
استراتيجية السعودية واضحة في التعاطي مع المسائل العالمية ذات التأثير الدولي المباشر. وتستند هذه الاستراتيجية إلى محور أساس قوي، وهو التوافق الدولي، من أجل دعم السلام والاستقرار على مستوى العالم. وهذه السياسة جزء أصيل من الحراك السعودي، الذي يستهدف بالدرجة الأولى نزع فتيل الأزمات ما أمكن، والعمل بكل الطاقات على إيجاد السلام وتكريسه، والسعي لأن يكون حاضرا على الساحة في كل الظروف. 
من هذا المفهوم وتلك الاستراتيجية يمكن النظر إلى اجتماع جدة الأخير بشأن الأزمة الأوكرانية على أنه خطوة نحو تحقيق السلام العالمي. فالمملكة تحافظ على علاقات متوازنة بين طرفي النزاع، ما يساعدها أكثر على توفير الفرص للسلام، وطرح المبادرات، والحشد القوى العالمية لتأمين حل سياسي دائم لهذه الأزمة الخطيرة التي تعد الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن هذا الصراع يعيد إلى الأذهان الويلات التي مرت بأوروبا منها إلى العالم في الحربين العالميتين الأولى والثانية. 
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لم يتوقف سعيه من أجل بناء الأرضية المناسبة والقوية للحل. فقد انطلق بحثا عن آفاق السلام في الشهر الثاني مباشرة من اندلاع الحرب، على أساس أن العمل السريع يساعد على تحقيق قفزات مطلوبة للحل السياسي السلمي القائم على التوازن في مطالب الطرفين. 
ولم تقتصر جهود المملكة في هذا الشأن على دعم الجهود السياسية، وحشد الطاقات المساعدة، بل شملت أيضا تحركات بذلتها الرياض وحققت نجاحا فيها، على صعيد تبادل الأسرى بين موسكو وكييف. فهذه النقطة تركت آثارا إيجابية في الساحة رغم عدم توقف الحرب ذاتها. فضلا عن الدعم السعودي الكبير للاجئين الأوكرانيين بمبلغ وصل إلى 400 مليون دولار. ومن الرؤية السياسية للقيادة السعودية العليا حيال الأزمة الأوكرانية - الروسية، وحراكها الفعلي على الساحة، كان لاجتماع جدة حول الأزمة المشار إليها الأثر الكبير في الساحة العالمية، وكان له صدى بالغ الأهمية، ولا سيما بمشاركة مندوبين عن 40 دولة، وعدد من ممثلي المنظمات العالمية الفاعلة. فهذا التجمع طرح سلسلة من الأفكار والمبادرات والنقاشات يمكن الانطلاق منها لآفاق جديدة نحو الحل النهائي لحرب لا يريدها أحد.
فهذه الحرب تترك يوما آثارا خطيرة، ليست فقط في البشر من الطرفين المعنيين، بل في الساحة العالمية ككل. فقد عمقت في الواقع أزمة إمدادات الغذاء، ولا سيما السلع الرئيسة، كما أنها فتحت المجال لتهديدات -ولو صوتية- باستخدام السلاح النووي، فضلا عن ملايين الأشخاص الذين صاروا في عداد النازحين داخل بلادهم أو اللاجئين في دول أخرى هنا وهناك. فاستمرار هذه الحرب، يعني ببساطة استمرار عمق الأخطار التي تتركها محليا وإقليميا وعالميا. وهذا ما يقلق السعودية التي تريد نهاية سلمية سريعة لهذه الحرب. والرياض لن تتوقف بالطبع عن مساعيها في المستقبل من أجل تدعيم عجلة التوجه والانفتاح السلمي للأزمة. فما طرح في اجتماع جدة، يعد في حد ذاته أساسا للحلول المأمولة، كما أنه يمثل أرضية صلبة حقا نحو السلام الذي ينتظره العالم.  
ولن توفر المملكة جهودا أيا كانت كي تحقق نقلة نوعية لحرب أضرت بالعلاقات الدولية، والإمدادات الغذائية، والسلام العالمي، والناس الذين كانوا ولا يزالون الأكثر تضررا مباشرة. إن المساعي السعودية ستواصل استهدافها شيئا واحدا، وهو أن يتحقق السلام والأمن للعالم أجمع.

author: 
Image: 

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow