بعد عام من أزمة سريلانكا .. اختفاء طوابير محطات الوقود وانقطاع الكهرباء

بعد عام من اقتحام السريلانكيين الغاضبين لمنزل الرئيس وإجبارهم على الإطاحة به أثناء انهيار الاقتصاد، ساد الهدوء شوارع الجزيرة، ولا توجد طوابير متعرجة في محطات الوقود وانقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعات.

ويتوقع البنك المركزي أن يستأنف الاقتصاد النمو هذا الربع بعد 6 أرباع من الانكماش "أسرع مما كان متوقعا من قبل العديد من الاقتصاديين"، في حين أن التحويلات الخارجية ترتفع وأعداد السياح آخذة في الارتفاع.

وبينما يرى الاقتصاديون أن البلد قد تجاوز أسوأ ما في الأزمة، إلا أن مشاكلها أبعد ما تكون عن الحل. تكاليف الغذاء والرعاية الصحية وإيجار المنازل مرتفعة ولا تزال في ازدياد، وقد تضاعف معدل الفقر في العام الماضي ومن المتوقع أن يرتفع أكثر، بينما تواجه المفاوضات لإعادة تنظيم عبء ديون الحكومة المعطلة بعض عدم اليقين.

وقالت ريحانة ثوفيك الخبيرة الاقتصادية في معهد أدفوكاتا البحثي "الاستقرار موجود إلى حد ما ولكن ما يعنيه ليس نقصًا حادًا ولا طوابير في الوقود ولا انقطاع التيار الكهربائي لمدة 13 ساعة".

وأضافت "التضخم يتضاءل ولكن بالمقارنة مع مستويات ما قبل الأزمة، فإن تكلفة المعيشة مرتفعة للغاية والدخول لم تستمر، والجزء الأكبر من فقراء سريلانكا هم من يحصلون على رواتب يومية، وهم من بين الأكثر تضررا".

وغرقت سريلانكا في أزمة مالية بعد أن قضى الجائحة على السياحة وانخفضت التحويلات المالية من المواطنين العاملين في الخارج، أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار الواردات، خاصة الوقود.

وفي مارس 2022، نزل الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من انقطاع التيار الكهربائي المطول وارتفاع الأسعار، ودعوة عائلة راجاباكسا التي هيمنت على السياسة في البلاد طوال السنوات العشرين الماضية إلى ترك السلطة.

وبعد أسابيع من الاحتجاجات وتدهور مطرد للأزمة ، فر الرئيس جوتابايا راجاباكسا إلى الخارج، وتنحي رسميا في 13 يوليو، وحل محله رئيس وزرائه، رانيل ويكرمسينغ، الذي أدخل إصلاحات وتفاوض على خطة إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في مارس.

وفي حين أن الزيادات في الأسعار تتراجع، إلا أنها لا تزال مرتفعة. لا تزال تكاليف الطاقة ، التي قفزت بنسبة 65 في المائة في فبراير، صعبة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض على الرغم من انخفاضها بنسبة 14.2 في المائة في يوليو.

وكان مؤشر التضخم الرئيسي عند 12في المائة في يونيو ومن المتوقع أن يصل إلى رقم واحد في يوليو بعد أن بلغ ذروته عند 70 في المائة في سبتمبر وبعد إعادة التأسيس في فبراير، لكن تكاليف الطعام والملبس والرعاية الصحية والسكن لا تزال مرتفعة.

وسجل تضخم أسعار الغذاء مستوى قياسيا بلغ 95 في المائة في سبتمبر، وعلى الرغم من انخفاضه، فإن قراءة يونيو البالغة 4.1 في المائة تعني استمرار ارتفاع الأسعار، وارتفعت أسعار الملابس 44 في المائة على أساس سنوي في يونيو، بينما ارتفعت أسعار الملبوسات 26 في المائة، والأدوية 16 في المائة.

ويؤثر ارتفاع التكاليف على الفقر، الذي تضاعف تقريبا إلى 25 في المائة من السكان العام الماضي ويمكن أن يقفز إلى 27.4 في المائة هذا العام، وفقا للبنك الدولي، وفي الأسبوع الماضي وافق البنك المتعدد الأطراف للدول النامية على قرض بقيمة 700 مليون دولار لسريلانكا، بما في ذلك 200 مليون دولار للفقراء.

وفي مبادرة جديدة لمساعدة الفقراء، قالت الحكومة إنها ستطرح برنامج تحويل نقدي مباشر لـ 2.3 مليون أسرة في وقت لاحق من هذا الشهر وتعهدت بإنفاق 680 مليون دولار سنويا على رفاهيتهم، لكن النقاد يقولون إن رفع التوزيع الشهري البالغ 2500 روبية (8 دولارات) إلى 15 ألف روبية، على أساس مستويات الفقر، غير كاف.

وقدر كمال بادماسيري عضو مجلس إدارة مجلس مزايا الرعاية الاجتماعية الذي تديره الدولة، المتطلبات بـ 13,800 روبية للفرد شهريا، لكنه قال إن الخزانة لا يمكنها دفع المبلغ بالكامل، وقال لرويترز "نحن في وضع افتراضي في سريلانكا، سيتم تقديم التحويلات النقدية لمدة 3 أعوام ويحتاج الناس إلى التطور والمضي قدمًا خلال هذا الوقت. المدفوعات ليست دائمة .. لا يمكننا تحملها."ومع ذلك كانت هناك بعض المكاسب.

وأدى ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 30 في المائة هذا العام وقفزة 76 في المائة في التحويلات إلى تحويل 3.2 مليار دولار إلى خزائن سريلانكا، مما ساعد الاحتياطيات على بلوغ أعلى مستوياتها في 14 شهرا عند 3.5 مليار دولار في مايو، وارتفعت العملة بنحو 18 في المائة  هذا العام.

ولا يزال يتعين على سريلانكا إعادة صياغة جزء كبير من ديونها الخارجية البالغة 36 مليار دولار، التي تشمل 12.5 مليار دولار من السندات السيادية الدولية و 11.3 مليار دولار من الائتمان الثنائي المستحق في الغالب إلى الصين واليابان والهند.

وحدد ويكرمسينغ هدفا يتمثل في إنهاء محادثات الديون بحلول سبتمبر، والتي إذا نجحت، ستسهل الإفراج عن الشريحة الثانية من تمويل صندوق النقد الدولي المستحقة بحلول أكتوبر.

لكن الصين أكبر مقرض ثنائي في سريلانكا بـ 7.4 مليار دولار من القروض الثنائية والتجارية القائمة، رفضت حتى الآن الانضمام إلى ما يسمى بالإطار المشترك الذي تقوده اليابان ونادي باريس لإعادة التفاوض بشأن ديون سريلانكا.

وعلى الرغم من توقعات النمو التي بدأت في يوليو، من المتوقع أن ينكمش اقتصاد سريلانكا المدفوع بالتصدير 2 في المائة في العام بأكمله، بعد انكماشه بـ 7.8 في المائة في 2022. وانخفضت الصادرات 11 في المائة حتى مايو، وانخفاض مبيعات الملابس الجاهزة إلى اليورو بنسبة 16.5 في المائة.