فيتو لفك احتكار الدولار

تصاعدت الدعوات خلال الفترة الأخيرة للحد من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وذلك بعد أن ارتفعت قيمته أمام العملات الأخرى بقوة خلال العامين الماضيين. الدعوات تزايدت أيضا في ظل استياء بعض الدول من استخدام العملة الخضراء سلاحا سياسيا، بدلا من كونها عملة تجارية عالمية. وجاء تزايد أصوات الدول، بعد استيائها من التأثير الاقتصادي السلبي الذي تسبب فيه الدولار، حيث لم يتم استخدامه في المجال الاقتصادي والتجاري فقط، ولكنه أصبح يستغل في المزايدات والصراعات السياسية، حيث يتم من خلاله الضغط على الدول. وهذا الاستياء دفع تجمع "بريكس" إلى التحرك في اتجاه تأثير الدولار في كثير من اقتصادات الدول، وهناك رأي واقتراح بتبني إصدار عملة كطوق نجاة من هذه الهيمنة المستمرة. وتتحرك بقوة دول مثل الصين وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا والهند من أجل التخلص من الدولار في تعاملاتها التجارية البينية وتسويتها بعملاتها الخاصة. وفي تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" تناول السعي الحثيث لمجموعة "بريكس" إلى إطلاق عملة مشتركة، في خطوة تعد محورا أساسيا لهذه المجموعة التي حققت بعض القفزات النوعية على صعيد العمل المشترك. ومنذ إطلاق أ

A person who loves writing, loves novels, and loves life.Seeking objective truth, hoping for world peace, and wishing for a world without wars.
فيتو لفك احتكار الدولار

تصاعدت الدعوات خلال الفترة الأخيرة للحد من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وذلك بعد أن ارتفعت قيمته أمام العملات الأخرى بقوة خلال العامين الماضيين. الدعوات تزايدت أيضا في ظل استياء بعض الدول من استخدام العملة الخضراء سلاحا سياسيا، بدلا من كونها عملة تجارية عالمية. وجاء تزايد أصوات الدول، بعد استيائها من التأثير الاقتصادي السلبي الذي تسبب فيه الدولار، حيث لم يتم استخدامه في المجال الاقتصادي والتجاري فقط، ولكنه أصبح يستغل في المزايدات والصراعات السياسية، حيث يتم من خلاله الضغط على الدول.
وهذا الاستياء دفع تجمع "بريكس" إلى التحرك في اتجاه تأثير الدولار في كثير من اقتصادات الدول، وهناك رأي واقتراح بتبني إصدار عملة كطوق نجاة من هذه الهيمنة المستمرة. وتتحرك بقوة دول مثل الصين وجنوب إفريقيا والبرازيل وروسيا والهند من أجل التخلص من الدولار في تعاملاتها التجارية البينية وتسويتها بعملاتها الخاصة.
وفي تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" تناول السعي الحثيث لمجموعة "بريكس" إلى إطلاق عملة مشتركة، في خطوة تعد محورا أساسيا لهذه المجموعة التي حققت بعض القفزات النوعية على صعيد العمل المشترك. ومنذ إطلاق أول قمة لها في 2009، كانت "بريكس" حريصة على أن تحدث تغييرا واسعا ومنهجيا على صعيد النظام العالمي. فهي تسعى بصورة معلنة إلى تأسيس نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، على أساس أن تكون هناك عدالة، وألا يكون التأثير الدولي محصورا فقط في دول مجموعة السبع الكبرى. بمعنى آخر، أن تكون دول "بريكس" التي كانت تعد الأسرع نموا، محورا رئيسا في وضع توجيه الدفة العالمية، بما تمتلكه من مقومات قوية على الساحتين السياسية والاقتصادية، فضلا عن توزعها الجغرافي المنتشر في أربع قارات.
لا شك في أن العملة التي تسعى دول "بريكس" إلى إطلاقها، ستحدث تحولا كبيرا على الساحة المالية العالمية، على أساس أنها ستأخذ حصتها من التعاملات الدولية، مقابل الهيمنة الراهنة للدولار. فوفق بنك التسويات الدولي، استحوذ الدولار على نحو 90 في المائة من تداول سوق العملات الأجنبية، حيث بلغ حجم التداول اليومي لهذه السوق 6.6 تريليون دولار. كما تبلغ حصة العملة الأمريكية في التعاملات التجارية على المستوى العالمي ما يقرب من 85 في المائة. فضلا عن أن نحو 100 في المائة من إجمالي عمليات تجارة النفط تتم بالدولار. وهي نسبة كبيرة، تسعى "بريكس" إلى خفضها لمصلحة العملة المشتركة التي تنوي طرحها في المستقبل. والعملة المزمعة ستكون المحور الأهم لهذه المجموعة في حراكها المقبل.
وتمثل القمة المقبلة لـ"بريكس" التي ستعقد في آب (أغسطس) المقبل في جنوب إفريقيا، أهمية كبيرة لأنها تطرح سلسلة من القضايا التي ترتبط بضرورة التغييرات على المستوى العالمي. فهي ستعمق التوجه العام بالسعي إلى التقليل من الاعتماد على الدولار، وبلغت أهمية هذه النقطة مستويات عالمية في أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث أقدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب على فرض عقوبات مشددة ليس فقط على الجانب الروسي، بل على الجهات الأجنبية التي تحاول القفز على هذه العقوبات. وهذا يعني أن جزءا من هذا العالم بات مكبلا بعقوبات مباشرة وغير مباشرة، خصوصا مع استمرار التهديدات الأمريكية والغربية على أي طرف يتجاوز الإجراءات العقابية الراهنة.
ومع كل الحماس والتصميم لإطلاق العملة المشتركة الجديدة، التي لم يتم الاتفاق بعد على اسمها، تبقى التحديات عالية جدا، وتظل المهمة صعبة بصورة أو بأخرى. فحتى عملات مثل اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني، لم تتمكن من نزع هيمنة الدولار في التعاملات التجارية، صحيح أن دولة مثل الصين حققت بعض التقدم باستخدام اليوان في عمليات تجارية، إلا أنها تبقى دون المستوى المأمول.
وإذا ما تم بالفعل إطلاق العملة المشار إليها، فإنها ستغير من المشهد المالي بلا شك، وقد تكون بمنزلة "فيتو" في عالم العملات ضد الدولار. فهذه الدول تتمتع بقوة اقتصادية كبيرة، وستكون أكثر قوة بتوسيع نطاق المجموعة بضم عدد آخر من البلدان. وهناك دول أبدت رغبتها الشديدة في أن تكون جزءا من "بريكس". كل هذا يمكن أن يؤدي إلى هدف إطلاق عملة، وفي الوقت نفسه يسهم في إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد. والمحور الرئيس يبقى في أن تقلص العملة المزمعة من حجم استحواذ الدولار على الساحة العالمية. فالحلول مكان العملة الأمريكية ليس أمرا سهلا ويحتاج إلى زمن لن يكون قصيرا.

author: 
Image: 

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow